كعب بن مالك الصادق التائب
إنه الصحابي الجليل كعب بن مالك رضى الله عنه ، صاحب
التوبة الصادقة ، وكان كعب رضي الله عنه قد أسلم حين سمع
بالإسلام ، فأتى مكة وبايع النبى في بيعة
العقبة الثانية ، فلما هاجر الرسول وأصحابه
آخى النبى بينه وبين طلحه بن عبيد الله رضى
الله عنه .
كعب والشعر
كان كعب رضي الله عنه شاعرا مجيدا ، وخاصة في مجال
المغازي والحروب الإسلامية ، وكان واحدا من شعراء الرسول
الثلاثة الذين يردون عنه الأذى بقصائدهم ،
وهم : كعب بن مالك وحسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة ،
رضي الله عنهم فكان كعب يخوفهم بالحرب ، وكان حسان يهجوهم
بالأنساب ، وكان عبد الله يعيرهم بالكفر .
وقد جاء كعب رضي الله عنه الى
فقال : يا رسول الله ماذا ترى في الشعر؟
فقال رسول الله
" المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه "
موقف مشهود
كان لكعب مواقف مشهودة في غزوة أحد ،
حين دعاه النبى وألبسه ملابسه التي
يلبسها في الحرب ، ولبس النبى ملابس
كعب رضي الله عنه الحربية ، يقول كعب عنه :
( لما انكشفنا يوم أحد كنت أول من عرف رسول الله وبشرت
به المؤمنين حيا سويا ، وأنا في الشعب )
وقد جرح سبعة عشر جرحا ، وكان المشركون يوجهون إليه
السهام ظنا منهم أنه رسول الله
التخلف عن تبوك
يقول كعب
( كان من خبري حين تخلفت عن رسول الله
في غزوة تبوك ، أني لم أكن قط اقوى ولا أيسر مني حين تخلفت
عنه في تلك الغزاة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتها
في تلك الغزاة ، وكان رسول الله قلما يريد
غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، فغزاها
الرسول في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا
ومفاوز ، واستقبل عددا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا
أهبة عدوهم ، فأخبرهم وجهه الذي يريد ، والمسلمون مع الرسول
كثير ، لا يجمعهم كتاب حافظ الديوان ، فقل
رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى عليه ، ما لم ينزل
فيه وحي من الله عز وجل .
وغزا رسول الله تلك الغزاة حين طابت الثمار
والظلال ، وأنا والله أُصعر، فتجهز إليها رسول الله
والمؤمنون معه ، فطفقت أغدو لكي اتجهز معهم فأرجع ولم
أقض من جهازي شيئا ، فأقول لنفسي :
أنا قادر على ذلك إن أردت .. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر
بالناس بالجد ، فأصبح رسول الله غاديا والمسلمون
معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، وقلت :
أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه .. فغدوت بعدما فصلوا لأتجهز
فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا ، ثم غدوت فرجعت ولم أقض
من جهازي شيئا ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط
الغزو ، فهممت أن ارتحل فألحقهم ، وليت أني فعلت ، ثم لم يقدر
ذلك لي فطفقت إذا خرجت في الناس بعد رسول يحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا في النفاق ، أو رجلا
ممن عذره الله عز وجل ) .
النبي يسأل عنه
يقول كعب
( ولم يذكرني رسول الله حتى بلغ تبوك ،
فقال وهو جالس في القوم بتبوك : " ما فعل كعب بن مالك؟
فقال رجل من بني سلمة : ( حبسه يا رسول الله براده والنظر
في عطفيه ) فقال معاذ بن جبل رضيالله عنه :
( بئسما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا )
فسكت الرسول
عودة النبى الى تبوك
لما عاد المسلمون إلى المدينة دخل الرسول
إلى المسجد ، وصلى فيه ركعتين ، فدخل عليه المنافقون الذين
تخلفوا عن الجهاد مع النبى ، وبدءوا يكذبون
على ا ارسول ، ويتعللون بأعذار واهية.
صدقه
لم يكذب كعب على النبى ،
وأقر بذنبه وتقصيره في حق الله وتكاسله عن الجهاد ، وفعل
مثله هلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهما ، وكانا
قد تخلفا أيضا.
المقاطعة
بعدما سمع النبى كلام كعب
أمر المسلمين أن يقاطعوه وصاحبيه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك
بدون عذر ، فلم يكلمهم أحد من المسامين، ولم يتعاملوا معهم.
فجلس الاثنان كل منهما في بيته يبكيان ، أما كعب
فلم يحبس نفسه مثلهما ، بل كان يخرج للصلاة ، وكان إذا سار في
السوق أو غيره لا يتحدث معه أحد ، وكان لكعب
ابن عميحبه حبا شديدا هو الصحابي الجليل أبو قتادة رضيالله
عنه ، ولما اشتد الأمر بكعب رضي الله عنه ، ذهب إلى ابن عمه
أبي قتادة رضي الله عنهما في بستانه وألقى عليه السلام ،
ولكن أبا قتادة رضي الله عنه لم يرد عليه ، فقال له كعب رضي
الله عنه :
( يا أبا قتادة ، أنشدك بالله ، هل تعلمني أحب الله ورسوله ؟ )
فلم يرد عليه أبو قتادة ، فكرر كعب
السؤال ، فقال أبو قتادة
( الله ورسوله أعلم ) ففاضت عينا كعب بالدموع
وتركه.
الأمر بالأعتزال
مضى على كعب وصاحبيه أربعون يوما ، وهم
على تلك الحالة من الندم والبكاء والمقاطعة الكاملة من كل
المسلمين ، وبعدها أمرهم النبى أن يهجروا
زوجاتهم ، وظلوا على هذه الحالة عشرة أيام.
البشارة والفرج
بعد خمسين يوما جاء الفرج ، ونزلت التوبة من الله على هؤلاء
المؤمنين الصادقين الذين لم يكذبوا على رسول ، فبعد أن صلى كعب صلاه الفجر، جلس
بمفرده ، فسمع صوتا ينادى من بعيد :
( يا كعب ، أبشر يا كعب )
فلما سمعه كعب خر ساجدا لله سبحانه ، وعلم أن
الله قد تاب عليه ، وبلغ من شدة فرحته أنه خلع ثوبيه وألبسهما
للرجل الذي بشره و ما كان يملك يومئذ غيرهما واستعار ثوبين
فلبسهما ثم انطلق مسرعا إلى النبى في المسجد ،
فاستقبله الصحابة وهم سعداء ، وقام طلحة بن عبيد الله
من بين الحاضرين جميعا وأسرع ليهنئ كعبا ،
فلم ينسها له كعب رضي الله عنه أبدا ، وتبسم له الرسول صلى الله
عليه وسلم وقال له :
" أبشر بخير يوم مرعليك منذ ولدتك أمك "
وأنزل الله فيه وفي صاحبيه قرآنا ، قال تعالى فى سوره التوبة
آية ( 118 ) :
(( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت
وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم
ليتوبوا إن الله هو التواب ))
" وفاته "
توفي بالشام في خلافة معاوية سنة
(50هـ ) وقيل سنة (53 هـ ) ، وعمره آنذاك ( 77 ) سنة ويقال :
إن الله سبحانه قد ابتلاه بفقد بصره قبل وفاته ، فصبر لذلك حتى
ينعم بما عند الله من الجنة.
وقد روى كعب بن مالك رضي الله عنه ثلاثين حديثا من أحاديث
رسول الله ، وروى عنه جماعة من الصحابة
والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين
إنه الصحابي الجليل كعب بن مالك رضى الله عنه ، صاحب
التوبة الصادقة ، وكان كعب رضي الله عنه قد أسلم حين سمع
بالإسلام ، فأتى مكة وبايع النبى في بيعة
العقبة الثانية ، فلما هاجر الرسول وأصحابه
آخى النبى بينه وبين طلحه بن عبيد الله رضى
الله عنه .
كعب والشعر
كان كعب رضي الله عنه شاعرا مجيدا ، وخاصة في مجال
المغازي والحروب الإسلامية ، وكان واحدا من شعراء الرسول
الثلاثة الذين يردون عنه الأذى بقصائدهم ،
وهم : كعب بن مالك وحسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة ،
رضي الله عنهم فكان كعب يخوفهم بالحرب ، وكان حسان يهجوهم
بالأنساب ، وكان عبد الله يعيرهم بالكفر .
وقد جاء كعب رضي الله عنه الى
فقال : يا رسول الله ماذا ترى في الشعر؟
فقال رسول الله
" المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه "
موقف مشهود
كان لكعب مواقف مشهودة في غزوة أحد ،
حين دعاه النبى وألبسه ملابسه التي
يلبسها في الحرب ، ولبس النبى ملابس
كعب رضي الله عنه الحربية ، يقول كعب عنه :
( لما انكشفنا يوم أحد كنت أول من عرف رسول الله وبشرت
به المؤمنين حيا سويا ، وأنا في الشعب )
وقد جرح سبعة عشر جرحا ، وكان المشركون يوجهون إليه
السهام ظنا منهم أنه رسول الله
التخلف عن تبوك
يقول كعب
( كان من خبري حين تخلفت عن رسول الله
في غزوة تبوك ، أني لم أكن قط اقوى ولا أيسر مني حين تخلفت
عنه في تلك الغزاة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتها
في تلك الغزاة ، وكان رسول الله قلما يريد
غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، فغزاها
الرسول في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا
ومفاوز ، واستقبل عددا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا
أهبة عدوهم ، فأخبرهم وجهه الذي يريد ، والمسلمون مع الرسول
كثير ، لا يجمعهم كتاب حافظ الديوان ، فقل
رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى عليه ، ما لم ينزل
فيه وحي من الله عز وجل .
وغزا رسول الله تلك الغزاة حين طابت الثمار
والظلال ، وأنا والله أُصعر، فتجهز إليها رسول الله
والمؤمنون معه ، فطفقت أغدو لكي اتجهز معهم فأرجع ولم
أقض من جهازي شيئا ، فأقول لنفسي :
أنا قادر على ذلك إن أردت .. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر
بالناس بالجد ، فأصبح رسول الله غاديا والمسلمون
معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، وقلت :
أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه .. فغدوت بعدما فصلوا لأتجهز
فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا ، ثم غدوت فرجعت ولم أقض
من جهازي شيئا ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط
الغزو ، فهممت أن ارتحل فألحقهم ، وليت أني فعلت ، ثم لم يقدر
ذلك لي فطفقت إذا خرجت في الناس بعد رسول يحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا في النفاق ، أو رجلا
ممن عذره الله عز وجل ) .
النبي يسأل عنه
يقول كعب
( ولم يذكرني رسول الله حتى بلغ تبوك ،
فقال وهو جالس في القوم بتبوك : " ما فعل كعب بن مالك؟
فقال رجل من بني سلمة : ( حبسه يا رسول الله براده والنظر
في عطفيه ) فقال معاذ بن جبل رضيالله عنه :
( بئسما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا )
فسكت الرسول
عودة النبى الى تبوك
لما عاد المسلمون إلى المدينة دخل الرسول
إلى المسجد ، وصلى فيه ركعتين ، فدخل عليه المنافقون الذين
تخلفوا عن الجهاد مع النبى ، وبدءوا يكذبون
على ا ارسول ، ويتعللون بأعذار واهية.
صدقه
لم يكذب كعب على النبى ،
وأقر بذنبه وتقصيره في حق الله وتكاسله عن الجهاد ، وفعل
مثله هلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهما ، وكانا
قد تخلفا أيضا.
المقاطعة
بعدما سمع النبى كلام كعب
أمر المسلمين أن يقاطعوه وصاحبيه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك
بدون عذر ، فلم يكلمهم أحد من المسامين، ولم يتعاملوا معهم.
فجلس الاثنان كل منهما في بيته يبكيان ، أما كعب
فلم يحبس نفسه مثلهما ، بل كان يخرج للصلاة ، وكان إذا سار في
السوق أو غيره لا يتحدث معه أحد ، وكان لكعب
ابن عميحبه حبا شديدا هو الصحابي الجليل أبو قتادة رضيالله
عنه ، ولما اشتد الأمر بكعب رضي الله عنه ، ذهب إلى ابن عمه
أبي قتادة رضي الله عنهما في بستانه وألقى عليه السلام ،
ولكن أبا قتادة رضي الله عنه لم يرد عليه ، فقال له كعب رضي
الله عنه :
( يا أبا قتادة ، أنشدك بالله ، هل تعلمني أحب الله ورسوله ؟ )
فلم يرد عليه أبو قتادة ، فكرر كعب
السؤال ، فقال أبو قتادة
( الله ورسوله أعلم ) ففاضت عينا كعب بالدموع
وتركه.
الأمر بالأعتزال
مضى على كعب وصاحبيه أربعون يوما ، وهم
على تلك الحالة من الندم والبكاء والمقاطعة الكاملة من كل
المسلمين ، وبعدها أمرهم النبى أن يهجروا
زوجاتهم ، وظلوا على هذه الحالة عشرة أيام.
البشارة والفرج
بعد خمسين يوما جاء الفرج ، ونزلت التوبة من الله على هؤلاء
المؤمنين الصادقين الذين لم يكذبوا على رسول ، فبعد أن صلى كعب صلاه الفجر، جلس
بمفرده ، فسمع صوتا ينادى من بعيد :
( يا كعب ، أبشر يا كعب )
فلما سمعه كعب خر ساجدا لله سبحانه ، وعلم أن
الله قد تاب عليه ، وبلغ من شدة فرحته أنه خلع ثوبيه وألبسهما
للرجل الذي بشره و ما كان يملك يومئذ غيرهما واستعار ثوبين
فلبسهما ثم انطلق مسرعا إلى النبى في المسجد ،
فاستقبله الصحابة وهم سعداء ، وقام طلحة بن عبيد الله
من بين الحاضرين جميعا وأسرع ليهنئ كعبا ،
فلم ينسها له كعب رضي الله عنه أبدا ، وتبسم له الرسول صلى الله
عليه وسلم وقال له :
" أبشر بخير يوم مرعليك منذ ولدتك أمك "
وأنزل الله فيه وفي صاحبيه قرآنا ، قال تعالى فى سوره التوبة
آية ( 118 ) :
(( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت
وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم
ليتوبوا إن الله هو التواب ))
" وفاته "
توفي بالشام في خلافة معاوية سنة
(50هـ ) وقيل سنة (53 هـ ) ، وعمره آنذاك ( 77 ) سنة ويقال :
إن الله سبحانه قد ابتلاه بفقد بصره قبل وفاته ، فصبر لذلك حتى
ينعم بما عند الله من الجنة.
وقد روى كعب بن مالك رضي الله عنه ثلاثين حديثا من أحاديث
رسول الله ، وروى عنه جماعة من الصحابة
والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين