قصة شعوانة
=======


كانت بالبصرة امرأة تسمّى شعوانة مشهورة بالتهتك والغناء و... ، وما كان مجلس فساد يقام إلاّ وفيه شعوانة .. وكانت ذات يوم تسير هي وجواريها في أحد الأزقّة وصادف ان مرّت عند باب أحد الزهاد في ذلك العصر ، وتناهى إلى سمعها هناك صوت بكاء وعويل من داخل الدار .
ارسلت احدى جواريها لتأتيها بخبر ما يجري ، وأمرتها ان تعود اليها سريعاً.. وقالت مع نفسها : ان في البصرة عزاءً ونحن لا ندري.. ودخلت الجارية الدار ولم تعد ، فأرسلت وراءها بجارية أخرى ، ولكن الثانية لم تعد هي الأخرى .. وارسلت من بعدهما سائر الجواري ، ولم تعد اليها أية واحدة منهن. غضبت وقالت : ما الخبر ؟.. ارسلت جميع الجواري ، ولم تعد واحدة منهن .. لا بد وان هنالك سر في هذه الدار ، وما هذا العزاء بعزاء اموات ، بل عزاء الاحياء ، هذا عزاء المذنبين ، العاصين ، المجرمين ، واصحاب الصحائف السود .. ثم قررت ان تدخل الدار بنفسها لتطلع على حقيقة الامر .
دخلت الدار فوجدت رجلاً صالحاً على المنبر وناساً كثيرين حول المنبر يبكون ، كان الواعظ يفسّر لهم الآية الكريمة: { واذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيّظاً وزفيراً }/[ سورة الفرقان: 12].. وانهم اذا ألقوا فيها تربط اعناقهم بسلاسل من حديد :
{واذا ألقوا منها مكاناً ضيّقاً مقرّنين دعوا هنالك ثبوراً}/[سورة الفرقان: 13].. فيناديهم مالك : ويحكم !.. سرعان ما تعالت اصواتكم ، لازلتم في البداية ، وهل رأيتم حرّها ؟.. ان وراءكم عذاباً وآلاماً اكثر ، فكيف ستفعلون ؟..
ما ان سمعت شعوانة تفسير هذه الآية ، حتّى استشعرتها في اعماق قلبها واخذت تبكي ونادت : وهل اذا تاب العبد تُقبل توبته ، مع كل هذه الذنوب ، ويجعل له مكاناً عنده في الجنّة ؟..
قال لها الشيخ : الله ارحم الراحمين ، توبي يتوب الله عنك ، وان كانت ذنوبك كذنوب شعوانة.
قالت : يا شيخ ، انا شعوانة، تبت إلى الله ، ولن اعاود ارتكاب الذنوب.
قال لها : ما دمت قد تبت ، تاب الله عليك ، وغفر لك ذنوبك .
تابت شعوانة توبة صادقة ، فانفقت كل ثروة حصلت عليها من هذا العمل، واعتقت كل غلمانها وجواريها ، واتخذت لنفسها صومعة في الصحراء وانهمكت بالعبادة والرياضة إلى ان ذاب لحمها .
جاءت ذات يوم إلى الحمام لتغتسل ونظرت إلى بدنها ، فوجدت نفسها قد صارت ضعيفة وقد لصق جلدها بالعظم فتحسرت وقالت :آه يا شعوانة هكذا صار حالك في الدنيا !.. ولا اعلم ماذا سيكون شأنك غداً في الآخرة ؟!
قال تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
}قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر : 53 (